الأحد 2024/05/12

آخر تحديث: 13:31 (بيروت)

قانون الإعلام الجديد:قلق من السلطة..وخوف من التطبيق

الأحد 2024/05/12
increase حجم الخط decrease

مخطىء من يعتقد أن طريق الوصول إلى الحقوق والحريّات في لبنان ستكون ميسّرة، بل هي على النقيض تماماً، مليئة بالاشواك والعقبات، هذا ما تؤكده مسيرة قانون الإعلام الذي تتم مناقشته منذ 14 عاماً.

التطور الكبير الحاصل في الفضاء الإلكتروني والحاجة الملحّة لهيئة لتنظيم الإعلام، كما ازدياد الملاحقات التي طاولت الصحافيين/ات في السنوات الأخيرة بسبب قضايا النشر، فرضوا جميعاً تفعيل دراسة اقتراح قانون الإعلام العالق منذ العام 2010 في أدراج المجلس النيابي بين لجنة الإعلام والاتصالات وبعدها لجنة الإدارة والعدل، التي انبثقت عنها لجنة فرعية للبحث في القانون وتفاصيله.     

بعض المواضيع التي تناولتها اجتماعات اللجنة المتخصصة المواد المتعلقة بالهيئة الناظمة للإعلام، وقررت تبديل الإسم إلى "الهيئة الوطنية للإعلام"، تتمثل في إقرار الأحكام المتعلقة بإنشاء الهيئة المذكورة وشروط عضويتها وتأليفها ومدة ولايتها، ومناقشة المواد المتعلقة بمهام وصلاحيات الهيئة ودورها في ضمان حرية التعبيروالإعلام والنشر، وتنظيم قطاع وسائل الاعلام المرئي والمسموع والإلكتروني. فما هي هذه الهيئة وما هي صلاحياتها على الإعلام الإلكتروني بالتحديد؟

الهيئة الوطنية للإعلام والإعلام الإلكتروني

يُشير النائب السابق الذي عمل طويلاً على ملف قانون الإعلام الجديد، والمشارك كاختصاصي باللجنة الفرعية للادارة والعدل، غسان مخيبر، إلى أن فكرة الهيئة تطورت مع التطور الذي طرأ على القطاع الإعلامي، ففي الاقتراح الأصلي لقانون الإعلام عام 2010 لم يكن هناك هيئة وكان الاقتراح ينظر الى وسائل الاعلام المتعددة وكيفية تنظيمها ولم يكن ينظر الى الجهة المسؤولة عن متابعة الإعلام.

ويضيف مخيبر: "لجنة الإعلام أدخلت تعديلاً على اقتراح القانون الاصلي لتطوير المجلس الوطني للمرئي والمسموع، ثم عاد وتطور النص إلى هيئة ناظمة للإعلام، وهو ما أثار معارضات أدت في نهاية المطاف إلى تعديل الاسم إلى الهيئة الوطنية لأنها ليست هيئة رقيبة على الإعلام إنما تتابع حسن تطبيق القانون"، لافتاً الى أنه في ما يتعلق بالإعلام الإلكتروني، لم تصل النقاشات داخل اللجنة الفرعية الى هذه النقاط بعد، ولكن التصور الذي تسير نحوه هو باتّباع أصول العلم والخبر.

وحول مبدأ "العلم والخبر"، يفصّل مخيبر بين المواقع الالكترونية العاملة، وبين وسائط التواصل الاجتماعي (فايسبوك، إكس، تيك توك)، مشيراً إلى أن الأولى خاضعة لقانون الاعلام بينما الثانية لن تكون كذلك لأنها ليست وسائل إعلام، لافتاً الى أن الفكرة تنص على تأسيس المواقع المهنية بنظام علم وخبر قائم على إعلام الجهة الصالحة، التي سوف تكون الهيئة الوطنية للإعلام، لتتلقى العلم وتحرص على حسن احترام هذه الوسائط لما ينص عليه القانون.

أما عن تأسيس الهيئة، فيُشير مخيبر الى أن نظام تأسيسها سيكون مشابهاً لنظام تأسيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، إذ سيتضمن اقتراح النص أحكاماً تجعل من هذه الهيئة حرّة الى اقصى الحدود الممكنة، ومكونة من أفراد مستقلين عن الجهات السياسية والتعيين السياسي، ويتمتعون بمجموعة من الحصانات لأداء عملهم.

تطمينات للإعلام الإلكتروني

يشدد المستشار القانوني في مؤسسة "مهارات" الدكتور طوني مخايل على أن الإعلام الإلكتروني يجب ألا  يخضع لنظام الترخيص، وإنما فقط لموجب العلم والخبر، ومبادئ الشفافية بالملكية والتمويل، مشدداً على أن  الصلاحية الأساسية للهيئة الوطنية يجب أن تتناول تنظيم بث القنوات التلفزيونية والإذاعية وخدمات التوزيع، مشيراً إلى أنه يجب أن تكون للهيئة صلاحيات بما يتعلق بنشاط المنصات الرقمية عبر الانترنت لناحية مكافحة التلاعب بالمعلومات وخطاب الكراهية والمحتوى الضار بالقصّر وحماية الملكية الفكرية.

ويؤكد مخايل أنه ليس للهيئة أن تتدخّل بالمحتوى التحريري، فهي فقط تتلقى الشكاوى حول الخطاب التضليلي او خطاب الكراهية، وتُحيل الشكاوى الى المراجع المعنية للنظر بها.

ثقة ضعيفة.. وقلق

يشكك مدير التحرير في جريدة "المدن" الإلكترونية يوسف بزّي بأي هيئة وطنية، خصوصاً بعد تجربة المجلس الوطني الذي كان "جهازاً مخابراتياً ورقابياً" بحسب قوله، معتبراً أنه من الضروري إلغاء وزارة الإعلام، ذلك أنه في ظل نظام سياسي كهذا ومجلس نيابي كهذا، لن يكون هناك قانون يصون الحريات فعلاً أو يضبط الفوضى.

ويرى بزي في الوقت نفسه أن الإعلام الإلكتروني كارثة، وضبطه يحتاج الى عقلية غير متوفرة للأسف، وأهم محور بنظره هو "حقوق النشر والملكية الفكرية" للمحتوى: النص، الصورة، الفيديو، فالمشكلة الأولى في "المدن" هي سرقة ما ننشره.

مشكلة التطبيق

من جهته، يحاول الصحافي ومؤسس موقع "تفاصيل" فراس حاطوم أن يُفرّق بين القانون وتطبيقه، ففي لبنان دائماً ما يكون التطبيق هو المشكلة أكثر من القانون بسبب كل التركيبة السياسية والطائفية للبلد، مشيراً الى أنه لا يتوقع أي أمر إيجابي من قانون الإعلام الجديد بسبب قدرة الطبقة الحاكمة السياسية والطائفية على تحويل أي نقطة واردة فيه لمصالحها.

ويتحدث حاطوم عن ضرورة "ترتيب" أوضاع الاعلام الإلكتروني وهو أمر سيكون صعباً للغاية بسبب سهولة إنشاء المواقع الإلكترونية والصفحات، عكس ما كانت الأمور عليه سابقاً لناحية الكلفة التي كانت مطلوبة لإنشاء وسيلة إعلامية، مشدداً على أنه لا يجوز تقييد المواقع وبنفس الوقت لا يجوز ترك الأمور متفلتة بحيث تعمل بعض المواقع في التحريض والقدح والذم ونشر الإشاعات والاخبار الكاذبة وكل ذلك لأهداف سياسية أو حزبية ودون حسيب أو رقيب.

مسار طويل

يعود مسار اقتراح قانون جديد للإعلام الى العام 2010، حيث قُدم في 26 تشرين الثاني/نوفمبر وحمل الرقم 441/ 2010، وأنهت لجنة الاعلام والاتصالات درسه بعد ست سنوات كاملة في العام 2016، فأحيل إلى لجنة الإدارة والعدل برئاسة النائب جورج عدوان، وبعدها توقف التواصل، ودخل لبنان عام 2019 في أزمة اقتصادية خانقة، ولم يتحقق وعد عدوان بإنهاء مناقشات الاقتراح وإحالته إلى الهيئة العامة للمجلس النيابي قبل نهاية العام.

والجديد هذه السنة أنه أعيد إحياء النقاش حول قانون الاعلام وعينت لجنة الإدارة والعدل النيابية لجنة فرعية مصغرة مطعّمة بمتخصصين للبحث في القانون، برئاسة النائب جورج عقيص، من مهامها إتمام دراسة معمقة للائحة مسائل تتعلق بالعقوبات وبتنظيم الإعلام وحوكمته لرفعها إلى لجنة الإدارة والعدل لتسهيل اتخاذ القرارات فيها.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها